روجين موكريان: المجتمع الواعي هو مفتاح نجاح عملية السلام
أكدت الباحثة والأكاديمية الكردية روجين موكريان على إن الخطوة التي اتخذها حزب العمال الكردستاني قد تشكّل نقطة انطلاق لمسار سلمي في تركيا، ولكن دون إرادة متبادلة من الحكومة ومشاركة فعّالة من المجتمع، سيظل هذا المسار محفوفاً بالتحديات.
مركز الأخبار ـ استجاب مقاتلو حركة التحرر الكردستانية لدعوة القائد عبد الله أوجلان إلى إنهاء الكفاح المسلح وبناء مسار سياسي جديد لحل القضية الكردية، وهو ما يفتح الطريق أمام مرحلة نضال جديدة نحو إحلال السلام.
في صباحٍ رمزي أطلّ على إقليم كردستان، اصطفت مجموعة من مقاتلي حركة التحرر الكردستانية يوم أمس الجمعة 11 تموز/يوليو، في ساحة صغيرة تحفّها أعلام السلام، ليعلنوا ما وصفوه بداية جديدة، تحت اسم "مجموعة السلام والمجتمع الديمقراطي"، أحرقوا أسلحتهم في مشهد مثقل بالدلالات، بحضور ممثلين عن حزب الشعوب والمساواة والديمقراطية (DEM)، ومؤسسات مدنية وسياسية من كردستان وأوروبا، في خطوة تترجم دعوة القائد عبد الله أوجلان إلى السلام والمجتمع الديمقراطي، التي أطلقها في الـ 27 من شباط/فبراير الماضي.
فيما يتعلق بالخطوة التي اتخذها حزب العمال الكردستاني، تقول روجين موكريان وهي أكاديمية كردية، وباحثة في جامعة كورك بإيرلندا، وعضوة في مجلس إدارة المؤتمر الوطني الكردستاني؛ إن الخطوة التي اتخذها حزب العمال الكردستاني تحمل في طياتها بوابة لبداية جديدة؛ بداية عملية سلمية وحل سياسي للقضية الكردية في تركيا "يجب أن نضع في اعتبارنا أن إحدى العقبات الرئيسية في طريق جهود السلام السابقة، سواء في عام ٢٠٠٩ أو في السنوات التي تلتها حتى عام ٢٠١٥ تقريباً، كانت القومية التركية".
وترى أن إعلان القائد أوجلان مؤخراً انتهاء الكفاح المسلح ومحاولة تأطير القضية الكردية سياسياً، ليست مجرد خطوة تكتيكية، بل تحول في البوصلة الفكرية، حيث تُعاد صياغة القضية ضمن إطار سياسي يفتح المجال للتقارب بين المجتمعين الكردي والتركي، هذا التحول بحسب روجين موكريان، يمكنه أن يهز أركان الخطاب القومي المتطرف ويُضعف روايات الإنكار التي لطالما سيطرت على المشهد التركي الرسمي.
وفي قلب هذا المشروع، يضع القائد أوجلان ثلاث ركائز أساسية "مجتمع بيئي، ديمقراطي، ونسوي"، وهي رؤية تسعى، إلى تمكين الناس من أدوات التنظيم والمشاركة الفاعلة، لبناء مجتمع متماسك من القاعدة إلى القمة، لكن الطريق لا يزال مليئاً بالعوائق؛ أبرزها التصنيف الإرهابي لحزب العمال الكردستاني من قبل تركيا ودول غربية، الأمر الذي خلق فعلياً عقبة أمام تنظيم وتعبئة ومشاركة قطاعات واسعة من المجتمع الكردي في شمال كردستان، ومع ذلك، لا تخلو الساحة من بصيص أمل. فحزب الشعوب والمساواة والديمقراطية (DEM)، رغم التحديات، يواصل نشاطه داخل البرلمان التركي، ويقدّم نموذجاً سياسياً يحتضن طموحات الكرد ويترجمها بلغة القانون والمؤسسات.
وأكدت روجين موكريان على أن "حل القضية الكردية ليس عملية أحادية الجانب، بل يتطلب نهجاً متعدد الأطراف وشاملاً وقائماً على الحوار"، وترى أن أي حديث عن السلام لا يستقيم دون التطرق لإنهاء الحرب، خصوصاً وأن الدولة التركية طرف أساسي فيها.
وفيما يتعلق بعدم اتخاذ تركيا خطوات عملية، تقول أن غياب خطوات عملية من قبل الحكومة التركية يجعل من هذه المبادرات، رغم رمزيتها، غير كافية لتحقيق السلام العادل والدائم، وتشير إلى أن ما يجري في الشرق الأوسط ليس مجرد سلسلة تحولات سياسية، بل إعادة رسم للخارطة الفكرية والجيوسياسية للمنطقة، حيث يُعاد تعريف مفاهيم القوة، الشرعية، والتحالفات "إن هذا الترتيب الجديد لا يعني تحولاً في موازين القوة بين الدول فحسب، بل إنه أيضاً علامة على تغيرات عميقة في آليات النظام السياسي، والعلاقات الوطنية، وأشكال جديدة من المقاومة والمشاركة الاجتماعية".
وفي ختام حديثها أكدت على أن المجتمع يحمل مفتاحاً مصيرياً في هذه المعادلة، فالمجتمع الواعي، المنظّم، والمسؤول يمكنه أن يُحدث فرقاً حقيقياً في مسار العملية السياسية، شرط أن يُشارك بفعالية ويُطالِب بحقوقه بروح الجماعة والتضامن.